سعى هذا المؤتمر لاختبار ومواجهة قضايا متعلقة بـ”المدن الإبداعية”، والدور الذي يمكن أن يلعبه الفن والثقافة والمبادرات الإبداعية في الإحياء والتجديد العمراني. يجذب المؤتمر الإنتباه نحو القاهرة، وبالأخص وسط البلد بها، والذي مر بتحولات سياسية وعمرانية ذات إيقاع متسارع ومستمر خلال الخمس سنوات المنصرمة، أدى إلى تغيرات بنسيجها الإجتماعي والثقافي، وكذلك بالفراغات العامة بها. كما حرص المؤتمر أيضًا على تقديم ندوات عامة بالمدينة حيث تكاد تنعدم أي فرص للمواطنين للتعرف على وإبداء رأيهم في التحولات التي تحدث بأحيائهم. أنشد المؤتمر في سبيل ذلك لجمع الأطراف المعنية من حكومة محلية، ومنظمات حقوق الإنسان، وشركات التطوير العقاري الخاصة والقطاع الثقافي المستقل بالإضافة إلى معماريين، وعمرانيين، مصريين وغير مصريين، لتداول أسئلة عدة مثل، ماهية الدور الذي يكمن أن يلعبه الفنانون كمحفزيين عمرانيين، وتأثير السياسات الثقافية والحوكمة العمرانية في تطوير منطقة وسط البلد، وما إذا كانت الإزاحة الإجتماعية من أجل التطوير في وسط البلد بالقاهرة تمثل إشكالية. وقد طرح المؤتمر تساؤل ما إذا كانت القاهرة مختلفة عن غيرها من المدن، مثل نيويورك ولندن، عند إعتبار قضايا الملكية وإمكانية الوصول للفراغ العام
وقد شهد العامان المنصرمان عددًا من المشروعات التي تهدف إلى إستعادة النظام في ظل إطار أشمل للإحياء والتنمية بوسط البلد بالقاهرة، حيث تتداخل غالبًا السياسات الرسمية ومصالح المطوريين العقاريين. وفي الوقت الذي كانت وسط البلد مكان تحمع الفنانين والكتاب والمثقفين، الذين ملأوا معارضها وترددوا على مقاهيها، شهدت وسط البلد منذ عام 2000 إزدهار المشهد الفني المعاصر، والذي ساهم في “إعادة اكتشاف” وسط البلد. وقد أنتعشت مبانيها التراثية، وحاناتها ومقاهيها القديمة، وفنادقها التاريخية من خلال جيل جديد من الطلاب والفنانين والصحفيين والنشطاء وكذا السكان الأجانب، ليساهم كل ذلك في عملية الإحياء بعد ثلاثة عقود من التدهور والتردي العمراني. ويمكن النظر إلى مشهد وسط البلد بالقاهرة الفني والثقافي في حد ذاته من خلال الدور الذي يلعبه في إثراء التنوع بمركز المدينة، وفي بعض الأحيان مقاومة النهج الوسائلي كـ”أصل استراتيجي ثقافي” في تطوير وسط البلد